روايات شيقه

رواية لم يكن مجرد حلم الفصل الثالث عشر

_ الفصل الثالث عشر _
_ بـدأ العـد التنازلـي ! _

_ تعلق بحبال الحب ، فكانت دائبة ! فسقط.. _

ماذا ان كانت تلك العبارة توصف حالته ، هو ذلك الذي وضع كل امانيه القدامة واحلامه علي الحب ، نشرها علي حباله ، قرر مشاركة الطرف الاخر بكل ما يخصه ، سيقول بعد الان ” نحن ” لا ” انا ” ، كل شئ يخص ما هو اتي سيفكر فيه عقلين ليس واحدا
ماذا اذا قرر ان يعيش حياة جديدة كليا مليئة باللون الوردي ، لكنه فجاة انصدم عندما علم ان حبال الحب الخاصة به دائبة ، فسقطت جميع احلامه وامانيه ، معها هو .. الي اسفل بقاع الارض…

كان نور الدين يحاول ضبط كرافتة بذلته ، منذ عشر دقائق يحاول ربما لكنه لم يفلح ، عصبيته البيّنة اليوم مؤثرة عليه بطريقة غريبة ، حاول مرة اخري لكن لم يعرف ان يضبطها فنزعها بعنف عنه والقاها علي الارض بقوة وهو يصرخ بغيظ .. توجه لـ فراشه وجلس عليه ، مال بجذعه قليلا للامام ، استند بيده علي ركبيته ، رفع رأسه فوقعت عيونه علي صورة توجد بمنتصف الجدار المقابل لعيونه ، صورة تجمعه بـ سراج
نظر لها طويلا بعيون فاحصة ، تم اخذ تلك الصورة يوم تخرج الاخر ، كانت الضحكة ترتسم علي ملامح سراج ، في عيونه هو قبعت نظرة الفخر ، اخذ نفسا عميقا ثم زفره ، هو ابنه اي يجب ان يكون سعيدا بزفافه
لكنه لا يشعر بذلك ابدا ، هو فقط يشعر بالتخبط ، هو بداخله نار من الغيرة ، غيرة من تلك الـ هانيا التي بات متأكدا انها ستأخذ اخيه كليا منه
ماذا يفعل بحق الله !
يقتلها ويرتاح .. ام ماذا يفعل ؟

طرقت نيرمين علي باب غرفته ودخلت ، وجدته علي حالته تلك ، دمعة شريدة كذلك سقطت من عينيه سهوا دون ان ينتبه لها ، توجهت نحوه وجلست بجواره ربتت علي كتفه و:-
_نور ياحبيبي معقول زعلان وسراج مبسوط !
هي تعلم تمام العلم مادام سراج سعيد فـ نور الدين سعيد
اذن لما اليوم تراه هكذا حزينا والاخر سعيد ؟!

خرج صوته متضايقا:-
_انا مش زعلان ياعمتي بالعكس انا مبسوط ليه ، بس فكرة انه بعدين هيبقي عنده التزامات واهتمامات احق مني ليه وعنده ، وجعاني .. سراج مش مجرد اخ ، سراج ابن ليا واخ وصديق ، انا معرفش حد في حياتي غيره ، المرة الوحيدة اللي عرفت اكون فيها صداقة منجحتش فيها برضوا ، فأكتفت بيه ، هو بيعرف يكون صداقات كتير ، بيعرف يملي حياته بناس بتحبه ، لكن انا معرفش اعمل حاجة غير اهتم بيه ، انا مش عايز اقف قصاد حياته بس مش عايز حد يجيي ويبقي عنده namber one فجأة مكاني
تنهد بقوة واكمل بوجع:-
_مش عايزه يحب غيري بنفس مقدار حبه ليا او حتي اعلي ، عايزه يحبني انا بس بأعلي درجة .. انا عارف اني اناني بتفكيري دا بس صدقيني الكلمات اللي بقولها دي موصفتش برضوا وجعي واحساسي

نيرمين بحنو ، وهي تقترب منه لتحتضنه:-
_انت بالنسبة لسراج قدوته ومثله الاعلي ، البطل اللي في حياته ، هو دايما شايفك اكبر حاجة في حياتك ، متخفش هو مستحيل ينساك ، مستحيل حد يبقي مكانته في قلبه عالية وتبقي اعلي منك ، انت عنده في كفة والعالم كله في كفة .. قوم اغسل وشك كدا وروق ويلا علشان ننزل ، المعازيم بدأت تيجي خلاص

اؤما بحسنا دون حديث ثم وقف وتوجه نحو حمامه ، تنهدت هي عاليا ثم سبقته متوجهه نحو الاسفل
حيث حديقة المنزل التي سيقام فيها الفرح ايضا كما اقيمت فيها حفل الخطبة من قبل…

بـ غرفة سراج ..

وضع كرم مئذر بذلة علي جسده من الامام ثم ابعدها ووضع اخري ، راحت عيونه تتناقل عليهم من خلال المرآة ، ثم قال وهو مازال ينظر لهم بتقييم:-
_شباب البس انهي جاكيت
ماجد:-
_النبيتي حلو
معتز بنفي:-
_لا .. الجملي احلي
ماجد بعند:-
_قولت النبيتي
معتز بعند اكبر وهو يتوجه نحو كرم:-
_وانا قولت الجملي وهيلبس الجملي يعني هيلبسه
ثم اخذ من يد كرم النبيتي مكملا:-
_اما دا ..
سحب مقصا يوجد علي طاولة بالقرب منه ، كان ضمن ادوات الحلاقة التي كان يستخدمها سراج منذ قليل ، راح يقص المئذر سريعا وهو يردد:-
_فـ اهو .. اهو .. اهو ، وريني بقي هيلبسه ازاي
انتفض ماجد وتوجه نحو كرم ، امسك المئذر الجملي وبحركة سريعة سحب من معتز المقص وراح يقص المئذر هو الاخر وهو يهتف:-
_طيب والجملي اهو يامعتز ، مش كفاية الشقة وضبتها علي مزاجك
معتز بضيق:-
_علشان زوقك انت والتاني معفن ومينفعش اخد رأيكم اصلا
ماجد:-
_لا انا عملتها بدماغك علشان تبقي انت الوحيد اللي ساعدت فيها وتعبت ، وتطلعنا انا وكرم كأننا معملناش حاجة
معتز بضيق:-
_انت….
قاطعهم صراخ كرم:-
_بـــس
نظرا الاثنين له بتعجب فأكمل بصراخ اعلي:-
_بالنسبة لـ الجواكت اللي اتقطعت دي ، واللي مش جايب غيرهم معايا ، هعمل اية انا دلوقتي ! هلبس اية ؟
نظرا له بجهل فرمقهم بشزر وهو يضغط علي اسنانه بعنف ، انفتح الحمام اخيرا وظهر امامهم سراج ، كان جذابا بحق ، بقصة شعره الجديدة ، ثيابه المهندمة ، رائحة عطره النفاذة ، اطلق الثلاث شباب صفيرا عاليا وهم يقولون بصوت واحد:-
_اية يامان كل دا جمدان
التف حول نفسه بحركة سينمائية هاتفا:-
_اية رأيكم !
_عريس بـ صح وصحيح
****
_ اذا توقفت بمنتصف الطريق ، تقف حائرا متطلعا لـ طريق العودة وطريق الذهاب ، ماذا ستختار ! _

هي الان حائرة ، لحظات فاصلة عن حياة اخري ، بعد لحظات لن يكون شخصا غريبا عنها ، سيكون زوجها ، الفرد الوحيد الموجود بعائلتها ، عقلها شاردا في الـلاشئ ، هي الان تقف حائرة بين امرين .. الانتقام والحب
نار الاثنان لاسعة ، والمنحرق الوحيد من لسعتهم كان ضميرها

_قمـر اوي ياهانيا بجد .. سراج هيطير بيكي اوي انهاردة
قالتها نجوان برقة وهي تنظر لها بأعجاب ، ابتسمت بخجل ولم ترد ، قالت ملك بتعجل:-
_بسرعة بسرعة ، العريس طالع ياخدك ، يلا بسرعة امسكي البوكية
منحها باقة الورد ، وقفت خلفها وضبطت لها طرحة زفافها من الخلف ، وقفت امامها مرة اخري رمقتها بنظرة شمولية معجبة ، بعدما اطمئنت ان كل شئ علي ما يرام
ابتعدت عنها وسمحت لها بالسير باتجاه الباب لتبقي بأستقبال سراج ، انفتح الباب اخيرا ، ظهر خلفه سراج ، خلف سراج اصدقائه الثلاث ، اثنان منهم مازال يتعاركا بالخلف كـ القط والفأر ، تقدم منها والبسمة علي وجهه ، وقف امامها اخيرا ، رمقها مطولا وقد بدأت عيونه تدمع ، اقترب اخيرا يقبل جبينها وهمس بجوار اذنها بعشق جارف:-
_قلبي من سعادته هيوقف ياهانيا

نظرت للاسفل ولم ترد من الخجل والتوتر الذي يعصف بها ، مد يده ليسمك يدها ثم وضعها علي قلبه و:-
_انتي بقيتي موشومة في قلبي ، حبي ليكي تعدي حدود ما تتخيلي ، بقيت مش شايف غيرك بـ معني الكلمة ، انتي غميتي عيني عن كل بنات العالم

وانهي حديثه بقبلة رقيقة علي كفوف يدها

اخيرا توجهوا لـ الخارج ، وخلفهم اصدقائه واصدقائها ، هبطوا دراجات السلم ثم خرجوا لـ حيث حديقة المنزل المعده لـ حفل الزفاف
بالاعلي كان يقف نور الدين يراقبهم بعيون دامعة لسعادة اخيه وحزنا علي فراقه الذي شعر بأنه بات وشيك

تنهد نور الدين وقرر الهبوط لـ الاسفل فالتأخير اكثر من هذا ليس لطيفا بالمرة
بالفعل هبط وتوجه فورا لمكان العروسين ، عندما رأه سراج وقف عن كرسيه وقطع الخطوة الفاصلة بينهم ، اسقط نفسه بأحضانه ، يحتضنه بقوة وسعادة ، ربت نور الدين علي ظهره مغمغما بصوته الرجولي:-
_مبــروك ياعريس
ابتعد عنه وقال بضحكة خفيفة:-
_الله يبارك فيك ، عقبالك ياكبير
نور الدين بمزاح:-
_انتم السابقون ونحن اللاحقون ان شاء الله

نظر لـ هانيا التي كانت تنظر لهم بنظرات كالعادة غير مفهومة لهم ، نظرات انتقامية ، كارهة ، باغضة .. محبة !
ناطقا:-
_مبروك ياعروسة
اغتصبت ابتسامة علي شفتيها وهي ترد:-
_اللـه يبـارك فيـك يانـور الـديـن
ثم اكلمت بنبرة عادية:-
_عقبالك..

بعد قليل جلسوا علي طاولة مكونة من عدة مقاعد ، بالمنتصف كان الماذون وبجواره من احدي الاطراف سراج ، علي الطرف الاخر والد ملك الذي كان وكيلها
لحظات كانت تمر وقلب سراج يرقص فيها من سعادته ، وهو يردد خلف المأذون كلماته
لحظات اخري مرت ثم اعلنهم زوج وزوجة امام الله والجميع…

تقدم محمود من نيرمين التي كانت تجلس علي طاولة ، تنظر لـ ابن شقيقها بحب وسعادة ، سحب مقعدا وجلس عليه ، خرج صوته الملئ بالشوق:-
_مبقتش قادر اكدب علي نفسي يانيرمين
طالعته بعدم فهم ، فتابع بتعب:-
_مش قادر اقنع نفسي اكتر من كدا اني كويس من غيرك ، في ناس لما بتبعد من حياة شخص ، الشخص دا بيكبر فوق سنه الف سنة زيادة ، حاجة منه بتتكسر ، وانا اتكسرت في بعدك ، قاوحت كتير طول السنين اللي فاتت ، لكن مبقتش قادر اكتر من كدا ، انا لسة بحبك زي زمان ، بحبك اكتر من زمان كمان
انا قولت قصتنا خلصت بس لما شوفتك دلوقتي حسيت حنيني ليكي بقي اصعب من اني اتحمله او اقدر اكتمه .. نيرمين ارجعيلي ووعد انا هعمل المستحيل علشان متبعديش تاني

كانت تستمع له صامتة
انتظرت هذا الحديث منذ زمن ، انتظرته ان يترك كل شئ ويعود لها قائلا انها اهم من كل شئ ، انتظرت لسنوات وسنوات دون ملل او كلل
لكنه اتي متأخرا ، اتي متأخرا جدا بعدما كانت فقدت الامل
اتي بعدما فوات الاوان علي سنين الصبا والشباب ، اتي بعدما ضاعت سنين العمر التي مانت يجب ان تعاش معه ، اتي بعدما عجزت بدونه…!!
لم تعرف ماذا عليها ان تقول حقا ، داخلها جزءا يعاتبه وجزءا سعيدا بحديثه ، هو مخطئ وهي مخطئة ، لكن جاءت فرصة الان لـ اصلاح الخطأ
فماذا عليها ان تقول بحق الله…!!

افاقها صوته:-
_مش عايز رد دلوقتي ، فكري براحتك ارجوكي ، مترفضيش طلبي من غير سبب ، فكري وشوفي قلبك هيقولك اية مش عقلك ، طول عمره قلبنا هو اللي بيبقي في ايده سعادتنا علشان كدا اسمعيه هو … ارجوكي

_نجوان !
نادها نور الدين من علي بُعد عندما لمحها وعلي وجهه بسمة خفيفة ، توقفت تنتظر قدومه ، اخذ يتقدم وعلي وجهه بسمة جميلة تزداد اتساعا قلما اقترب ورأي جمالها بذلك الفستان الذي جعلها كـ زهرة جورية حمراء..
وقف امامها اخيرا و:-
_اية الحلاوة دي كلها !
كادت تقابله بوجهه عابس ، غاضب من افعاله التي علمتها حديثا ، لكنها لم تستطيع ، امام نظراته تلك وحديثه ، امام وجهه اساسا كسر القلب حصونه التي كان يبنيها بالايام السابقة
امامه هي تكون انثي في غاية الضغف

خرج صوتها متوترا بخجل:-
_شكرا ..
صمتت ثم اكملت بصوت متوتر اكثر:-
_انت كمان شكلك حلو

ثم غادرت من امامه سريعا ، بقي هو مكانه ينظر لها وهي تختفي بحب لا يدركه ، لكن لحظات واختفت ابتسامته وهو يري ظلا اسود يظهر في المكان الذي اختفت منه ،
ظلا ينظر له بعتاب ، بكره ، بغضب…
****
دخلت لـ الشقة وخلفها هو ، كانت ملامحه مرهقة قليلا ، نظرت له بقلق ، جلس هو علي اقرب مقعد قابله قال وهو يفرك رأسه بيده:-
_هانيا معلش هتعبك ، ممكن تعمليلي فنجان قهوة من بتاعتك ، شربت قهوة كتير في الفرح وقبله بس فعلا الصداع هيقتلني
اؤمات بنعم وهي تعلم سبب حالته ، نسبه الجرعة قاربت علي الانتهاء في جسده ، وحان وقت الجرعة الاخري ، خرج صوتها مرتعشا وهي تري حالته تلك:-
_هغير فستاني بسرعة وهعملهالك

اؤما بحسن وهو يشكرها ، غيرت ملابسها سريعا ، فتحت الخزانة ، كانت بها درجا ، فتحته وجدت فيه بعض من اكسسوارتها ، ابعدتهم ونزعت طبقة من الخشب ، وضعتها عندما جاءت مرة قبل ميعاد الفرح بـ حجة انها تريد ان توضب بعض ملابسها ، ظهرت اسفلها حقائب بلاستيكية مليئة بالمخدرات قد اخفتها بذلك اليوم ايضا اسفل قطعة الخشب ، فبقي الدرج عبارة عن اثنين احدهم ظاهرا واخر مختفيا ، اخرجت حقيبة بلاستيكية صغيرة واخفتها بملابسها ثم توجهت نحو المطبخ
قامت بعمل القهوة له ودوبت داخلها كمية من المخدرات
كانت كميتها اكبر من الكميات التي كانت تضعها سابقا له

فالان انتهي وقت اللعب ، بدأ الجد ، بدأ العد التنازلي لـ النهاية…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى